عدد الرسائل : 381 العمر : 34 احترام قوانين المنتدى : تاريخ التسجيل : 28/01/2009
موضوع: الطاقات المتجددة ( الحلقة 3 ) الجمعة مارس 13, 2009 2:49 pm
تسخير الرياح
إن ما يقرب من2% من ضوء الشمس الساقط على سطح الكرة الأرضية يتحول إلى طاقة حركة للرياح. وهذه كمية هائلة من الطاقة تزيد كثيراً على ما يستهلك من الطاقة في جميع أنحاء العالم في أي سنة من السنين.
وهناك ظاهرتان ميترولوجيتان أساسيتان تتسببان في الجزء الأعظم من رياح العالم. فينشأ نمط ضخم لدوران الهواء من سحب الهواء القطبي البارد نحو المنطقتين المداريتين، ليحل محل الهواء الأدفأ والأخف الذي يصعد ثم يتحرك نحو القطبين. وتنشأ مناطق ضغط عالٍ ومناطق ضغط منخفض، وتعمل قوة دوران الأرض على دوران الهواء في اتجاه حركة عقرب الساعة في نصف الكرة الجنوبي، وفي عكس اتجاه حركة عقرب الساعة شمال خط الاستواء، وهذان الخطان هما المسئولان عن سمات الطقس الرئيسية كالرياح التجارية المستمرة في المناطق المدارية، والرياح الغربية السائدة في المناطق المعتدلة الشمالية. والسبب الآخر للرياح البعيدة المدى، هو أن الهواء الذي يعلو المحيطات لا يسخن بالقدر الذي يسخن به الهواء الذي يعلو البر. وتنشأ الرياح عندما يتدفق هواء المحيط البارد إلى البر ليحل محل الهواء الدافئ الصاعد.
والنتيجة النهائية هي نظم للطقس غير مستقرة ودائمة التغير. إن طاقة ضوء الشمس الحرارية تتحول باستمرار إلى طاقة حركة للرياح. ولكن هذه الطاقة تتغير عن طريق الاحتكاك مع سطح الأرض وفي داخل الرياح ذاتها. وجزء صغير من طاقة الرياح هو الذي يمكن الاستفادة به فعلاً. فمعظم الرياح تهب في الارتفاعات العالية أو فوق المحيطات، وعلى ذلك فهي بعيدة المنال.
وتسخير طاقة الرياح ليست فكرة جديدةً، فقد استخدمت في السفن الشراعية. وظهرت بعدها طواحين الهواء، وهي آلات تستلب طاقة الرياح، لتؤدي أعمالاً ميكانيكية متنوعة. وتظهر أول إشارة لطواحين الهواء في كتابات العرب في العصور الوسطى، فقد وصفوا آلات ريحية بدائية في فارس في القرن السابع الميلادي. وقد طُورت آلات مماثلة لها في الصين، واستخدمت منذ 2000 عام على الأقل.
وأُدخلت طواحين الهواء في أوربا في وقت ما قبل القرن الثاني عشر، وبحلول القرن الخامس عشر وجدت أشكالاً متطورة من هذه التقنية في جميع أنحاء أوربا، وفي هولندا بلغ عدد الآلات التي كانت مستخدمة في تلك الحقبة نحو 12 ألف آلة
والدانمارك التي تفتقر بدرجة عظيمة إلى الوقود الحفري المحلي بأنواعه المختلفة، أُنتجت طواحين هواء محسنة واستخدمتها للإمداد بربع الطاقة الصناعية في البلد في عام1900، وبحلول أواخر القرن التاسع عشر كان ما يقدر بستة ملايين مضخة مائية مستخدمة في الولايات المتحدة.
وقد أنتج مهندس في الدانمارك آلة ريحية لتوليد الكهرباء في عام 1890 بعد إنتاج الكهرباء بواسطة محرك تجاري للمرة الأولى بوقت قصير. وظهرت سوق مزدهرة لهذه التوربينات الريحية الجديدة في الدانمارك والولايات المتحدة الأمريكية وبضعة بلاد أخرى خلال العشرينات والثلاثينات من هذا القرن.
وصمم الباحثون في بريطانيا، والدانمارك، وفرنسا، والاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة، وألمانيا توربينات ريحية بريش أقطارها 20 متراً أو أكثر وقدرة كهربائية زادت على 100 كيلووات.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية طور توربين سميث وبوتنام الريحي خلال الأربعينات،وكان نموذجاً لتقنية متقدمة للمشروعات البحثية خلال هذه الحقبة، وكانت تديرها ريش ضخمة من الصلب الذي لا يصدأ، وقدرتها 1250 كيلووات، وهذا الرقم لم تصل إليه آلة أخرى حتى السبعينيات وتتسم الآلات الريحية الجيدة التصميم بقدر من البساطة والدقة، ساعد على اقتناع الكثيرين من العلماء والمهندسين بالنجاح العظيم الذي تبشر به تقنيات الطاقة المتجددة.
وتعتمد الطاقة المتاحة في الرياح بصورة حاسمة على سرعتها، حيث تتضاعف الطاقة إلى ثمانية أمثالها كلما زادت سرعة الرياح إلى المثلين. والمتوسط السنوي لسرعة الرياح يتفاوت من أقل من ستة أميال في الساعة في بضع مناطق، إلى 20 ميلاً في الساعة في بعض المناطق الجبلية والساحلية. والسرعات التي تبلغ أو تزيد على 12ميلاً في الساعة في المتوسط وهي السرعات المناسبة لكي تكون الآلة الريحية المولدة للكهرباء اقتصادية، ويمكن أن تتوافر في مناطق واسعة. وتبلغ طاقة الرياح الكونية المتوقعة ما يعادل تقريباً خمسة أضعاف الاستخدامات الكهربائية الحالية على مستوى العالم، وحيث إن القوى المتاح توليدها من الرياح ترتفع بارتفاع مكعب سرعة الرياح، لذلك فإن المناطق ذات الرياح الشديدة سوف تشهد تطوراً كبيراً في هذا المجال.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية ظهر أن توربينات الرياح التي ركبت على 6% من مساحة الأرض يمكن أن تفي بما يوازي 20% من احتياجاتها من الكهرباء. وتكفي ثلاث ولايات أمريكيةـ هي نورث وساوث داكوتا، وولاية تكساس، ورغم أن أحداً لا يتوقع تنفيذ مثل هذه الخطة، فمن الواقع أن القوى المحركة المولدة من الرياح سوف تصبح مكوناً أساسياً في شبكة الكهرباء في أمريكا الشمالية.
الصعوبات التي تواجه استخدام طاقة الرياح
الريح، مثلها مثل باقي أنواع الطاقات المتجددة، لا يمكن الاعتماد عليها بصفة مستديمة،فأي بقعة على الأرض قد تتعرض لرياح عاتية في بعض الأوقات، وقد تتوقف عندها الريح تماماً في أوقات أخرى وللتغلب على مشكلة تذبذب الطاقة، نتيجة لتغير سرعة الريح، يجب أن يواكب برنامج إنشاء محطات قوى تعمل بطاقة الريح برنامجاً آخر لحفظ الطاقة، إما على صورة طاقة كهربية في بطاريات، أو طاقة ميكانيكية تستخدم في رفع المياه إلى أعلى فوق جبل مثلاً، ثم إعادة استخدام هذه المياه في توليد الكهرباء عندما تضعف الرياح.